malouk
الجنس : عدد المساهمات : 4 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 17/02/2013
| موضوع: مقال فلسفي خاص باشكالية ادراك العالم الخارجي الأحد فبراير 17, 2013 10:25 pm | |
|
- طرح المشكلة
| إن مباحث الفلسفة التقليدية وخاصة مبحث نظرية المعرفة يبرز نزاعا وجدل محتدم طوال قرون متوالية بين القائلين بالطبيعة العقلية للمعرفة، والقائلين بالطبيعة الحسية لها ، ولكل اتجاه مبرراته و مناصروه ، ولكن على الرغم من هذا الخلاف الشديد بينهما إلا أن الفريقين يتفقان على مسالة جوهرية مهمة وهي ضرورة التمييز بين الإحساس والإدراك ، في تكوين المعرفة وبنائها وهنا نطرح الإشكال التالي : هل أساس المعرفة وطبيعة تكوينها وبنائها يقتضي التمييز بين الإحساس والإدراك بالضرورة؟
| 4/4
|
|
محاولة حل المشكلة:
| عرض منطق الأطروحة
| يرى أصحاب المذهب العقلي أن الإدراك حكم عقلي ، وهو من فعالياته العليا ، لذلك فهو أساس معرفة الأشياء والموضوعات ، ومصدر إضفاء المعاني والصفات على الأشياء ، وتفسيرها وتسميتها ، أما الإحساس فهو مجرد تعبيرات ذاتية مرتبطة بالبدن وكثيرا ما تكون خاطئة وتخدعنا حسب ديكارت كما إن الإحساس جزئي مرتبط بحالة أو موقف معين و يبقى أسير التجربة الحسية لذلك يقتصر دوره على تنبيه و إثارة نشاطاتنا العقلية بطريقة غير مباشر لتستقبل المحسوسان و تفسرها و تضفي المعاني المجردة عليها و هي المعرفة الإدراكية الحقيقية .
من هنا يظهر إن الإحساس وحدة لا يقدم معرفة وانه ادني قيمة من الإدراك الذي يمثل أساس المعرفة الحقة إما الإحساس فهو أداة تكيف عامة بين الكاءناة الحية وما يقدمه من معرفة تكون ظنية احتمالية بعكس الإدراك الذي يمثل فعالية العقل الايجابية التي تبحث في ماهية الأشياء ومعانيها المجردة و إطلاق الإحكام اليقينية التي تعرف بها لهاذ يقول بار كلي وجود الشيء قائم في إدراك إنا له . و يقول ديكارت إني أدرك بحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت احسب إني أراه بعيني .
من هنا كانت معرفة المكان والامتداد والمسافة مثلا ليست وليدة الإحساس ، بل هي نتيجة حكم نصدره عند تفسير المعطيات الحسية عن طريق المقابلة بين إبعادها الظاهرية ، كما أن المكعب شيء معقول وليس محسوسا . وعلى هذا الأساس يميز أصحاب المذهب العقلي بين الإحساس والإدراك ويعتبرون المعرفة أساسها الإدراك العقلي .
لكن بعض الفلاسفة وكذا بعض الدراسات في علم النفس الحديث تثبت أنه من الصعوبة من الناحية العملية التمييز بين وظيفة الإحساس ووظيفة الإدراك في المعرفة ، لأن الإحساس هو الجسر الذي يعبره العقل أثناء إدراكه للموضوعات ، وبدونه يصبح الإدراك فعلا ذهنيا مستحيلا.
| 4/4
| عرض نقيض القضية
| يذهب أصحاب المذهب التجريبي وخاصة (جون لوك ود/ هيوم وجون استوارت مل) إلى اعتبار الإحساس والتجربة الحسية مقياس المعرفة ومصدرها الأول ،وأن كان كل ما يحصل لدينا من معارف ومكتسبات يرد إلى العالم الحسي الخارجي ، ولهذا ينكر التجريبيون القول بالمبادئ الفطرية في العقل ، أو بمعارف قبلية أو إحكام مجردة لأن كل المعارف عندهم بعدية إي مكتسبة بالتجربة الحسية وبالتالي فكل المدركات العقلية ماهي في الحقيقة إلا خبرات مكتسبة تحصلنا عليها شيئا فشيئا نتيجة انطباع المحسوسات في الذهن ، وما العقل الإدراكي إلا مرآة عاكسة لهذه المحسوسات ، ومستودع للانطباعات الحسية ، وأداة منتظمة لها ، لأنه لا وجود لشيء أو معرفة في الإدراك ما لم تكن من قبل في الحس . لذلك من فقد حاسة فقد معرفة. ومن هنا يكون الإحساس هو مصدر المعرفة والمتحكم في المدركات والموجه لها ، وبالتالي فهم يميزون بين الإحساس والإدراك ، ويجعلون من الإحساس أعلى مرتبة من الإدراك .يقول جون لوك لو سالت الإنسان متى بدأ يعرف ؟ لأجابك : متى بدأ يحس).
لكن الدراسات في علم النفس الحديث ترفض جعل الإدراك مجرد ترابط للإحساسات في الذهن ، لأن الكثير من الدلائل تثبت أن الإدراك عملية آخري لها طابعها الخاص المميز لها ، كما أن فكرة الإحساس الخالص ما هي إلا مجرد أفترض نظري ولا توجد أي دلالات واقعية تبرزه.
| 4/4
| التركيب
| إن المواقف التقليدية التي تفرق بين الإحساس والإدراك أدت إلى ظهور وجهات نظر جديدة ، تنظر إلى الإحساس والإدراك على أن بينهما علاقة مباشرة ، ومن ثمة وجب رفض التمييز بينهما ،لأنهما وجهان لظاهرة واحدة ، قال التهناوي : ( الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه.)
وهذا مايؤكد علم النفس الحديث وخاصة المدرسة الجشطالت التي لا تفرق بين الإحساس والإدراك من خلال تناول المواقف والبنية بأكملها ، وانتظام هذه البنية أو تفككها هو الذي يحدد الموقف الإدراكي ككل ، فالإدراك هو إدراك لمجموعات ذات صور وبنيات تامة ، كما أن المعاني لا تضاف إلى المعطيات الحسية ، بل هي معطاة معها ومحايثة لها في آن واحد، كما أن فهم الأجزاء أو إعطائها معنى أو صفات لا يكون إلا من خلال ربطها بالكل (الصيغة) ، فالجزء لا يكتسب معناه إلا داخل الكل ، فالأنغام الموسيقية لا قيمة لها إلا في تواصلها.كما إن المدرسة الظواهرية بزعامة (هوسرل وميرلوبونتي) ، ترفض التمييز بين الإحساس والإدراك ، لأن الإدراك عندهم ليس تأويلا للإحساس ، بل هو امتلاك المعنى الداخلي في المحسوسات ، قبل إصدار أي حكم ، فالعالم الموضوعي ليس هو ما نفكر فيه ، بل هو العالم الذي نحياه وتعايشه ونقصد إليه، كتجربة نعيشها ونحياها ونشعر بها .
فلا إدراك إلا بموضوع، ولا موضوع يدرك إلا بالقصد والمعايشة التي تربطنا به.
| 4/4
| الخاتمة
| نستنتج في الأخير أن مناقشة طبيعة العلاقة بين الإحساس والإدراك ، ومحاولة التفرقة بينهما في عملية المعرفة لا جدوى منها ، لأن ثنائية الإحساس والإدراك عمليا متكاملتان ، ومن الصعب الوقوف على حدود وفعالية نشاط كل منهما.فحواسنا تنفعل لمدركاتنا ، ومداركنا تتفاعل مع المعطيات الحسية وهذا ما تتميز به المعرفة الإدراكية الإنسانية على غيرها.
| 4/4
|
| | |
|
Admin Admin
الجنس : عدد المساهمات : 561 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 01/02/2013 العمر : 34 الموقع : https://mila43.forumalgerie.net
| موضوع: رد: مقال فلسفي خاص باشكالية ادراك العالم الخارجي الإثنين فبراير 18, 2013 12:40 pm | |
| بارك الله فيك على الطرح الممتميز بارك الله فيك | |
|
nabil
عدد المساهمات : 12 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 18/02/2013
| موضوع: رد: مقال فلسفي خاص باشكالية ادراك العالم الخارجي الإثنين فبراير 18, 2013 12:45 pm | |
| مقالة رائعة مشكوررررررررررررررررررررر | |
|