malouk
الجنس : عدد المساهمات : 4 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 17/02/2013
| موضوع: مقال فلسفي خاص باشكالية العلوم الانسانية الأحد فبراير 17, 2013 10:38 pm | |
|
المقدمة: يعرف علم النفس بأنه العلم الذي يبحث في الظواهر النفسية شعورية كانت أو لا شعورية بقصد تفسيرها أم العلم التجريبي فهو الذي يبحث في الظواهر الطبيعية معتمدا على المنهج الاستقرائي (الملاحظة – الفرضية – التجربة ) وهادفا إلى الكشف عن القوانين المتحكمة في تلك الظواهر ويندرج السؤال في إطار فلسفة المعرفة ويطرح مشكلة تعود إلى فلسفة العلوم الإنسانية خاصة منها فلسفة علم النفس والمشكلة التي يطرحها تتعلق بإمكان أو عدم إمكان إخضاع الظواهر النفسية كالأفكار والمشاعر والعواطف والانفعالات والميول والرغبات ...إلى المنهج التجريبي المعتمد في العلوم الطبيعية فإذا كان من أهم شروط المعرفة العلمية في العلوم الطبيعية الاعتماد على التجريب وتحقيق الموضوعية فهل بالإمكان تحقيق ذلك في علم النفس مع أن موضوعه يختلف في كثير من خصائصه عن موضوع العلوم الطبيعية؟
التحليل: أن أتوهمها في خيالي.".فهو يؤكد أن المعرفة الحقة هي المعرفة القائمة على الحدس عرض منطق الأطروحة: يرى أنصار المنهج الاستبطاني أمثال ديكارت وباسكال أن الحادثة النفسية لا تخضع للملاحظة والتجريب بحكم وجودها على مستوى الشعور ولا يمكن دراستها إلا عن طريق التأمل والوصف يقول ديكارت :" من المحقق جدا أن معرفة وجودي بمعناه الدقيق لا تعتمد على أي شيء من الأشياء التي استطيع العقلي والمتميزة بالبداهة والوضوح ، وتتمثل في معرفته لنفسه.فليس هناك إذن معرفة تكون أيسر وأوضح من معرفة النفس عن طريق الحدس العقلي وليس عن طريق التجربة والحواس.ويعتمد هذا الطرح على فرضية أن الحادث النفسي حادث شعوري داخلي لا يمكن ملاحظته من الخارج وعلى فكرة وحدة الطبيعة البشرية.وعليه لا مناص من اعتماد المنهج الاستبطاني الذي يقوم على ملاحظة الذات لذاتها،وتأملها لما يجري فيها من حوادث بصورة مباشرة ،وإدراكها من الداخل بطريقة مباشرة لكونها مندمجة في حياتنا النفسية.وما دام الحادث النفسي حادث شعوري يتميز بكونه مباشر ، تلقائي لا مادي متغير باستمرار بسبب خضوعه للصيرورة وكيفي لا يخضع للملاحظة الخارجية ولا يقبل القياس الكمي وغير خاضع لقانون الحتمية ،فكيف يمكن أن يطبق عليه المنهج التجريبي؟ إن الأمر يبدو مستحيل ،أما تطبيق المنهج الاستبطاني في دراسته فهو ممكن، إذ بمقدوري الشعور أن ينعكس على ذاته ويتأمل ما يجري فيه من نشاط نفسي بصورة مباشرة.ظف إلى ذلك كيف يمكننا إخضاع العواطف والرغبات المتقلبة والانفعالات الداخلية إلى المنهج الاستقرائي،وهي لا تقبل التكميم لأنها كيفية ولا الملاحظة لأنها داخلية خفية؟ وكيف نقبض بالملاحظة على المعنى الذي يحمله الحادث النفسي والمعنى يفهم ولا يفسر.كما يلاحظ هؤلاء من زاوية أخرى أن التجريب غير ممكن في ميدان علم النفس لأنه يعتمد التكرار والظواهر النفسية يستحيل تكرارها لأنها متغير وتتأثر بالظروف وبالأحوال النفسية التي لا تعرف الثبات.
لعلى أول مايواجه هذا المنهج هو صعوبة ملاحظة المرء لنفسه، إذ كيف يمكن للإنسان أو العالم الذي يعيش حالة انفعال أن يتأمل انفعاله ويدرسه والانفعال يناقض عمليات التصور الذهني؟ فالتأمل الباطني مستحيل إثناء التوتر النفسي الشديد . كما انه يوجد خيانة الذاكرة إذا طلب من الإنسان أن يصف أحواله النفسية بعد أن يهدأ انفعاله،ويكشف عن أسبابها.ثم أن فرضية وحدة الطبيعة الإنسانية فرضية غير صحيحة تماما لأنها تنفي الفروق الفردية.ومن جملة الاعتراضات التي وجهت للاستبطان أنه منهج يغلب عليه الطابع الذاتي ، والذاتية تتعارض مع الموضوعية التي يسعى العلم إلى تحقيقها في نتائجه.وهو منهج محدود التطبيق،إذ لا يمكن تطبيقه إلا على الراشدين المتمكنين من اللغة، ولا يمكن تطبيقه على الأطفال الصغار أو على الصم والبكم لعدم تمكنهم من اللغة، لذا دعا العديد من علماء النفس إلى استبعاده وتعويضه بالمنهج التجريبي.
عرض نقيض الأطروحة:
يلح أنصار علم النفس الموضوعي على ضرورة التخلي عن الاستبطان والبحث عن حقيقة الحياة النفسية،بالتوجه نحو دراسة السلوك والبحث في الظواهر النفسية من خلاله، باعتبارها تقبل الملاحظة والتجربة والتقدير الكمي وتمكن من تحقيق الموضوعية .ومن دعاة المنهج التجريبي نجد المدرسة السلوكية بزعامة جون واطسن ، وعلم النفس التكويني المهتم بدراسة نمو القوى النفسية على ضوء ما يحيط بها من مؤثرات فيزيولوجية واجتماعية،وعلم النفس الجشطالتي، وعلم النفس الفيزيولوجي...الخ .فعلم النفس في نظر واطسن شعبة تجريبية موضوعية خالصة من العلم الطبيعي،فهو علم للسلوك وليس علم للشعور، وعليه أن يكتفي بالمثير والاستجابة لأنهما أساس السلوك. يقول بول فريس وهو من أنصار علم النفس الموضوعي :"ّ ليس هناك ما يمنع حقا أو واقعا من قيام علم النفس العلمي الذي ثبت إمكان قيامه وتأكدت صلاحيته."ويقول جميل صليبا :"ينتج مما تقدم أن علم النفس وعلم الاجتماع علمان وضعيان وأن إتباع الطريقة العلمية فيهما واجب." ويؤسس هؤلاء موقفهم أولا على ما لاحظوه من نقص في الطريقة الاستبطانية من حيث محدوديتها وذاتيتها، وعدم قدرتها على تحقيق التقدير الكمي،والكشف عن القوانين المتحكمة في الظواهر النفسية وما ينتج عنها من إحكام تعسفية. وثانيا على النجاحات التي تحققت في مجال الدراسات المتعلقة بالظواهر النفسية بعد أن أدخلت عليها الملاحظة والتجربة المدعمة بالآلات والوسائل العلمية ، وإنشاء المعامل السيكولوجية في العديد من الدول الغربية فقد قام فيبر مستعين بمعطيات منهج العلوم الطبيعية باستخدام الآلات في البحث عن العلاقات الثابتة ووضع قوانين الإحساس.كما استعمل علماء النفس القياس في إجراء العديد من الاختبارات الهادفة إلى تقدير قدرات الأفراد تقديرا عدديا في مجالات الذاكرة والذكاء والإدراك واعتمدوا التجريب النفسي القائم على الأسئلة أو على انجاز بعض الأعمال أو حل بعض المسائل...الخ. كما استخدموا الإحصاء والمقارنة بين الإنسان والحيوان وبين الراشدين وغير الراشدين من الناس، وبين الأسوياء والمنحرفين.كما اصطنعوا المواقف في المخابر وقارنوا بين السلوكات الناتجة عن المواقف المختلفة المصطنعة. وهكذا أدت هذه الدراسات العلمية إلى نجاح العلماء، في وضع العديد من القوانين المفسرة لكثير من السلوكات،وإلى تقدم علم النفس في دراسة الكثير من الحوادث النفسية كالانفعالات والتعليم والتذكر والنسيان والذكاء والإدراك الحسي ...الخ
وتحول إلى دراسة ظواهر واقعية كبقية العلوم الأخرى وتجاوز الفكرة القائلة بأن ما لا يقع تحت الحواس لا وجود له،بدليل الثورة التي أحدثها هذا المنهج في علم النفس والتطور الذي شهده هذا العلم بفعل المنهج التجريبي.
إن تعقد الحوادث النفسية وتميزها بالعديد من الخصائص المخالفة تماما لخصائص الظواهر الطبيعية،أمور تجعل من تطبيق المنهج التجريبي في الدراسات النفسية أمر صعب ، خصوصا وأن الحوادث النفسية لا تتولد دائما عن الوظائف الفيزيولوجي ، والنشاط النفسي ليس مجرد نشاط آلي خاضع لنظام ميكانيكي بل هو نشاط يخضع في كثير من الحالات إلى العقل والإرادة ، وتوجهه القيم لا الدوافع والمنبهات فقط فكيف يمكن تفسير مثل هذا النشاط بالتجريب أو تفسير الأعلى بالأسفل. ثم إن نجاح علم النفس الموضوعي في معرفة الوجه الخارجي للظواهر النفسية لا يكفي لمعرفة الحقيقة النفسية ، لأن الحادثة النفسية حادثة ذات معنى تجيء مصحوبة بالوعي وموجهة بالقيمة ومتميزة بالحرية ، فكيف يستطيع التجريب أن يكشف عن حقيقتها ، وهذه الخصائص ممتنعة عنه؟إن المنهج التجريبي يصادف جملة من الصعوبات في دراسة الحوادث النفسية ، وانه يعمل باستمرار على التغلب عنها أو تذليلها على الأقل .
التركيب: هذه الملاحظات والمعطيات والاعتراضات تتطلب من علماء النفس أن يكونوا حذرين وأن يحطاطوا لأبحاثهم ويكونوا على قدر كبير من الانتباه والدقة والنزاهة ، وأن يعتمدوا على أكثر من منهج في الموضوعات المعقدة ، وهذا بالضبط ما تؤكده ضاهرة تعدد المناهج في علم النفس.وعليه نقول رغم محدودية الاستبطان ، إلا أن الاعتماد عليه في الموضوعات الممتنعة عن المنهج التجريبي يبقى مطلوبا.والمنهج التجريبي ضروري في مختلف المجالات الأخرى ، وأنصاره مطالبين بمواصلة تطويره لتجاوز ما يعيقه عن التطبيق.
الخاتمة:بإمكان علم النفس أن يحقق نتائج موضوعية في كثير من المجالات فهو اليوم علم تجريبي بشرط أن يتوسع مفهوم العلم وإلا يبقى حبيس الصورة التي أعطيت له في مجال العلوم الطبيعية من طرف أصحاب النزعة الوضعية خصوصا ، وأن هذه العلوم لا تكتفي بالمنهج الاستقرائي بل كثيرا ما تلجأ للمنهج الاستبطاني كي تستعين به ، ونتائجها لم تعد يقينية بل احتمالية تقريبية فقط.
| |
|
Admin Admin
الجنس : عدد المساهمات : 561 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 01/02/2013 العمر : 34 الموقع : https://mila43.forumalgerie.net
| موضوع: رد: مقال فلسفي خاص باشكالية العلوم الانسانية الإثنين فبراير 18, 2013 12:41 pm | |
| | |
|
nabil
عدد المساهمات : 12 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 18/02/2013
| موضوع: رد: مقال فلسفي خاص باشكالية العلوم الانسانية الإثنين فبراير 18, 2013 12:44 pm | |
| | |
|